الخميس، 23 مايو 2024

حوار جريدة الصباح مع الأستاذ الجامعي خياطي اسماعيل حول استنزاف الفرشة المائية بدكالة

 

جريدة الصباح العدد 7428، الأربعاء 22 ماي 2------------------------------------------------------------------------------ حوار

الفرشة المائية تعرضت لاستنزاف خطير

رابط المقال: https://assabah.ma/777985.html

أجرى الحوار: أحمد ذو الرشاد (الجديدة)

خياطي الباحث الجامعي قال: إن التوحل سيفقد السدود ربع طاقتها الاستيعابية في أفق 2050

أكد إسماعيل خياطي، الأستاذ والباحث الجامعي المتخصص في الجغرافيا وإعادة تشكل المجال والتنمية المستدامة بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، أن تعاقب سنوات الجفاف والضغط على الفرشة المائية وارتفاع عدد السكان وتزايد الطلب على تغذية وإرواء القطعان المدجنة والتوحل، من أسباب الإجهاد المائي الذي تعيشه منطقة دكالة.

وفيما يلي نص الحوار:

·      هل يمكن إعطاء تشخيص حقيقي للوضع المائي بمنطقة دكالة؟

تعتبر دكالة منطقة فلاحية بامتياز، تشمل إقليمي الجديدة وسيدي بنور، على مساحة تفوق 700 ألف هكتار، بأكثر من 1.239 مليون نسمة، حسب آخر إحصاء وطني (2014)، جلهم يعيشون بالمجال القروي (68 % مقابل أكثر من 40 % على المستوى الوطني).

عانت المنطقة، منذ 6 سنوات تعاقب مواسم الجفاف، خاصة في الموسم الحالي، بعد وقف إمدادها بالموارد المائية المخصصة للسقي انطلاقا من سد إيمفوت، في إطار مشروع الإعداد الهيدروفلاحي لقطاع دكالة المسقي، الذي كانت تخصص له ما بين 500 مليون متر مكعب و800 مليون من مياه الري، إذ لم يعد في الإمكان توفيرها، نظرا لتعاقب فترات الجفاف والعجز الحاصل في حجم الواردات المائية على مستوى السدود الموجودة على أم الربيع (2.5 %)، إضافة إلى نضوب مياه الفرشة الجوفية. وكانت الموارد المائية الآتية من أم الربيع تستعمل في ري الحبوب والزراعات العلفية التي عرفت تراجعا واضحا منذ تقليص الحصة المخصصة للسقي. وطرحت تغذية وإرواء القطعان، التي كانت تعتمد على هذه الزراعات، العديد من التحديات، مما أدى إلى تراجع بيّن لأعداد القطعان ولكميات الحليب المنتجة حاليا بسب غلاء الأعلاف من تبن وفصة وعلف مركز وقلة العلف المدعم وتكلفة جلب الماء من بعيد للإرواء.

·      تعاني منطقة دكالة إجهادا مائيا، ماهي أسبابه؟

لا بد من الإشارة إلى أن دكالة لا تتوفر على موارد مائية مهمة، باستثناء نهر أم الربيع الذي يحاذيها شمالا وفرشة مائية معلقة ومتواضعة. وما تجود به الطبيعة وما يُعبِّئه الإنسان من مياه لا يفيان بحاجيات السكان وحاجيات الأعداد المتزايدة من قطعان الماشية. واستفادت المنطقة من «وصول» كميات وافرة من المياه من سد إيمفوت بعد تجهيزها، مما جعلها تبدو وكأنها غنية من حيث الموارد المائية. ومع توالي مواسم الجفاف في نهاية القرن الماضي، بدأ يتضح مدى ارتباط المنطقة بالموارد المائية الموهوبة لها من السدود. وحتَّم ذلك على المسؤولين تبسيط مسطرة الحصول على رخصة حفر ثقوب وآبار لاستغلال المياه الباطنية، فزاد الضغط عليها بمختلف الجهات (الولجة، الساحل، الأراضي البورية غير المجهزة، ثم أخيرا السهل المجهز الذي لم يعد يستقبل المياه من السد).

وساهمت هذه العوامل في إذكاء الإجهاد المائي الذي تعرفه المنطقة، تضاف إليها أسباب أخرى، من قبيل تزايد حاجيات السكان والقطعان من كميات المياه المستهلكة يوميا، وتبني مزروعات مستهلكة للماء واعتماد تقنيات سقي غير مقتصدة للماء. وتعرضت الفرشة المائية لاستنزاف خطير، خصوصا بعد تعميم الترخيص بحفر الآبار، علما أن أغلب الثقوب والآبار هي غير مرخصة، سيما أن المياه الجوفية بدكالة نادرة وضعيفة، ترتبط بالعوامل الطبيعية المتمثلة في الوضع الجغرافي والجيومرفولوجي والجيولوجي والمناخي، وتتوزع بين عدة فرشات مائية، يمكن حصرها على الأقل في فرشتين، فرشة «ساحل» دكالة، بين نهر أم الربيع والمحيط الأطلسي وسهل دكالة الداخلي وفرشة دكالة، تنطلق من كتلة الرحامنة على امتداد السهل. وهي فرشة حرة قريبة من السطح، تتغذى من الوديان النازلة من الرحامنة ومن مياه السقي الزائدة، كما نجد بها فرشات معلقة محدودة جدا غير عميقة، هي التي كانت مستغلة في الماضي ولم يعد لها أثر في وقتنا الراهن.

·      هل يمكن تعويض الخصاص الحاصل في مياه الشرب والسقي بتحلية مياه البحر، مع العلم أن التكلفة باهظة؟

لا بد من الإشارة إلى أن مسألة تحلية مياه البحر بالمغرب مكنت، منذ عقود، من توفير الماء الشروب لسكان الأقاليم الجنوبية. والمغرب يتوفر حاليا على 11 محطة لتحلية مياه البحر، لعل أهمها هي محطة أكادير هشتوكة، وهو مشروع مشترك بين القطاعين العام والخاص، مَكَّن من توفير الماء الشروب للمجموعة الحضرية (أكادير الكبرى) وكميات محترمة للاستعمال الفلاحي (السقي).

بالنسبة لجهة الدار البيضاء سطات، نلاحظ أن محطة تحلية مياه البحر بالجرف الأصفر التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط، بدأت فعلا في تزويد مدينة الجديدة وبرمجت تزويد عدد من المدن والمراكز الحضرية القريبة بالماء الشروب. وستُمَكِّن محطة المهارزة الساحل من تحلية نصف مليون متر مكعب من مياه البحر يوميا لضمان التزود بالماء الشروب لسكان العاصمة الاقتصادية والمدن والمراكز الحضرية القريبة منها.

أما فيما يخص تخفيف العبء عن السقي، بالنسبة لدكالة، سيُمَكِّن مشروع محطة المهارزة الساحل أو الدار البيضاء، المزمع العمل بها نهاية 2027، بالإضافة إلى الماء الشروب، من توفير مياه الري على مساحة 5000 هكتار.

 من المتوقع أن يصل ثمن المتر المكعب من الماء المحلى بمحطة البيضاء إلى 4.5 دراهم، ويطرح تجهيز منطقة دكالة (100 ألف هكتار) بنظم الري عدة صعوبات، إذ يتم نقل المياه اعتمادا على الجاذبية، فكم ستحتاج من مياه محلاة، انطلاقا من البحر وبالتكلفة سالفة الذكر، ناهيك عن المنشآت والتجهيزات المعقدة اللازمة لذلك. ولا مجال للمقارنة، بين دكالة وسوس، لأن أغلب المزروعات المسقية بدكالة هي مزروعات «معاشية»، أساسها الحبوب والمزروعات العلفية، موجهة للأسواق الداخلية.

·      هل لتوحل السدود تأثير سلبي على حقينتها؟

من أبرز المشاكل التي تهدد استدامة الموارد المائية المُعبّأة في السدود التَوَحّل، الذي تعرفه هذه الأخيرة، جراء أشكال متعددة من انجراف التربة بعالية الأحواض، إذ تساهم طبيعة الزخات المطرية المركزة في تشكيل أوحال بقعور السدود. ويفقد المغرب كميات مهمة من المياه السطحية، تقدر حسب الخبراء ما بين 45 مليون متر مكعب و75 مليونا سنويا، بل هناك من يتوقع أن تفقد السدود المغربية، نتيجة التَوَحّل، 25 % من طاقتها الاستيعابية في أفق 2050.

في الوقت الراهن، لا حلول لمشكل توحل السدود، وما على السلطات العمومية إلا التفكير في بناء المزيد من السدود، للوصول إلى طاقة استيعابية في حدود 32 مليار متر مكعب سنة 2050 (مقابل 20 مليارا حاليا)، في انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع جراء التغيرات المناخية، على أن النزعة العامة هي تراجع كميات الأمطار وتركزها في الزمن.

·      هل يمكن العودة إلى الطرق القديمة التي سلكها أجدادنا في تعبئة المياه، خاصة المطافي؟

أظن أن السكان كانوا عبقريين في تدبير الموارد المائية النادرة، خصوصا في المجالات التي كانت بها الفرشة المائية الباطنية عميقة. ولعل تجميع وتخزين مياه الأمطار في خزانات تحت أرضية تدعى محليا المَطافي، لخير دليل على ذلك. وهي تقنية أصيلة، غير أن الكميات المخزنة بها تكون محدودة، رغم أننا نجد أحيانا مطفيات جماعية كبيرة. كما أن هذه الكمية المخزنة تبقى مرتبطة بكمية الأمطار التي تهطل خلال الموسم الفلاحي.

 ورغم أن هذه التقنية أبانت عن فعاليتها في تزويد الأسر بالماء في الماضي، فإن أهميتها، في الوقت الراهن، تبدو ضئيلة، نتيجة كثرة السكان وتزايد الحاجة إلى استعمال الماء المنزلي، وتزايد أعداد القطعان، التي تستهلك أكثر من الإنسان، والتي أصبحت تُدَجّن في إسطبلات عوض الانتجاع (الانتقال الموسمي من مجال إلى آخر) وغيرها من العوامل التي ساهمت في الرفع من كميات المياه المستهلكة، والتي تفوق ما تخزنه المطافي، التي تبقى مع ذلك محببة عند البعض، حيث يتم استعمال مائها في تذوق كؤوس الشاي.

في سطور:

§تاريخ ومكان الازدياد: فاتح دجنبر 1959 بسيدي بنور

§ المهنة: أستاذ باحث في الجغرافيا، مختبر إعادة تشكل المجال والتنمية المستدامة جامعة شعيب الدكالي الجديدة.

الثلاثاء، 21 مايو 2024

عرض لمداخلة: تحول الأنظمة الريفية بالظهير المباشر لمدينة الجديدة: الانتقال من الأُحادية الإنتاجية إلى التنوع الوظيفي وبداية تشكل الضواحي

 رابط المداخلة

عرض حول: التربية والتعليم في مجال تدبير المخاطر والكوارث الطبيعية: استلهام التجربة اليابانية من خلال بيداغوجيا التعلم بالتجربة LEARNING BY DOING

رابط العرض 

عرض أطروحة : دور الجيوماتية في تحليل الظواهر الجغر افية والمساعدة على اتخاذ القرار وتدبير الثروات الترابية داخل المجالات السريعة التمدن: حالة استعمال الأراض ي بالظهير المباشر للجديدة الكبرى